تعريف الليبرالية
الليبراليَّة هي وجه آخر من وجوه العلمانيِّة
، وهي تعني في الأصل الحريِّة ، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً
في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء ، بدون التقيد
بشريعة إلهية ، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه ، وعابد هواه ، غير محكوم بشريعة
من الله تعالى ، ولا مأمور من خالقه باتباع منهج إلهيّ ينظم حياته كلها، كما قال
تعالى ( قُل إنَّ صَلاتي ونُسُكِي وَمَحيايَ وَمَماتي للهِ رَبَّ العالَمِينَ ،
لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المِسلِمين) الانعام 162، 163 ،
وكما قال تعالى ( ثمَُّ جَعَلنَاكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمرِ فَاتَّبِعها
وَلاتتَّبِع أَهواءَ الذِينَ لايَعلَمُون ) الجاثية 18
هل تملك الليبرالية أجابات حاسمة لما يحتاجه الانسان :
الليبراليَّة لاتُعطيك إجابات حاسمة على الأسئلة
التالية مثلا :
هل الله موجود ؟
هل هناك حياة بعد
الموت أم لا ؟
وهل هناك أنبياء أم لا ؟
وكيف نعبد الله كما يريد منّا أن
نعبده ؟
وما هو الهدف من الحياة ؟
وهل النظام الإسلاميُّ حق أم لا ؟
وهل
الربا حرام أم حلال ؟
وهل القمار حلال أم حرام ؟
وهل نسمح بالخمر أم نمنعها
، وهل للمرأة أن تتبرج أم تتحجب ، وهل تساوي الرجل في كل شيء أم تختلف معه في بعض
الأمور ، وهل الزنى جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا وقعت برضا
الطرفين ، وهل القرآن حق أم يشتمل على حق وباطل ، أم كله باطل ، أم كله من تأليف
محمد صلى الله عليه وسلم ولايصلح لهذا الزمان ، وهل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
وحي من الله تعالى فيحب أتباعه فيما يأمر به ، أم مشكوك فيها ، وهل الرسول صلى الله
عليه وسلم رسول من الله تعالى أم مصلح اجتماعي ، وما هي القيم التي تحكم المجتمع ؟
هل هي تعاليم الاسلام أم الحرية المطلقة من كل قيد ، أم حرية مقيدة بقيود من ثقافات
غربية أو شرقية ، وماهو نظام العقوبات الذي يكفل الأمن في المجتمع ، هل الحدود
الشرعية أم القوانين الجنائية الوضعية ، وهل الإجهاض مسموح أم ممنوع ، وهل الشذوذ
الجنسي حق أم باطل ، وهل نسمح بحرية نشر أي شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية ،
وهل نسمح بالبرامج الجنسية في قنوات الإعلام أم نمنعه ، وهل نعلم الناس القرآن في
المدارس على أنه منهج لحياتهم كلها ، أم هو كتاب روحي لاعلاقة له بالحياة ؟؟؟؟
المبدأ العام لليبرالية :
فالليبراليّة ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة ، ومبدؤها
العام هو : دعوا الناس كلُّ إله لنفسه ومعبود لهواه ، فهم أحرار في الإجابة على هذه
الأسئلة كما يشتهون ويشاؤون ، ولن يحاسبهم رب على شيء في الدنيا ، وليس بعد الموت
شيء ، لاحساب ولا ثواب ولاعقاب 0
ماالذي يجب أن
يسود المجتمع في المذهب الليبرالي :
وأما ما
يجب أن يسود المجتمع من القوانين والأحكام ، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي
، وبه وحده تعرف القوانين التي تحكم الحياة العامة ، وهو شريعة الناس لاشريعة لهم
سواها ، وذلك بجمع أصوات ممثلي الشعب ، فمتى وقعت الأصوات أكثر وجب الحكم بالنتيجة
سواء وافقت حكم الله وخالفته 0
السمة الاساسية للمذهب الليبرالي :
السمة الاساسية للمذهب
الليبرالية أن كل شيء في المذهب الليبراليِّ متغيِّر ، وقابل للجدل والأخذ والردِّ
حتى أحكام القرآن المحكمة القطعيِّة ، وإذا تغيَّرت أصوات الاغلبيَّة تغيَّرت
الأحكام والقيم ، وتبدلت الثوابت بأخرى جديدة ، وهكذا دواليك ، لايوجد حق مطلق في
الحياة ، وكل شيء متغير ، ولايوجد حقيقة مطلقة سوى التغيُّر 0
إله الليبرالية :
فإذن إله
الليبراليِّة الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ ، حرية الإنسان وهواه وعقله وفكره
، وحكم الأغلبيِّة من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون حياة الناس العامة ،
سواءُُ عندهم عارض الشريعة الإلهيّة ووافقها ، وليس لأحد أن يتقدَّم بين يدي هذا
الحكم بشيء ، ولايعقِّب عليه إلا بمثله فقط 0
[size=18]تناقض الليبيرالية
ومن أقبح تناقضات
الليبرالية ، أنَّه لو صار حكمُ الأغلبيِّة هو الدين ، واختار عامة الشعب الحكم
بالإسلام ، واتباع منهج الله تعالى ، والسير على أحكامه العادلة الشاملة الهادية
إلى كل خير ، فإن الليبراليّة هنا تنزعج انزعاجاً شديداً ، وتشن على هذا الاختيار
الشعبي حرباً شعواء ، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختار الإسلام ، وتطالب
بنقض هذا الاختيار وتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة 00الخ
كما قال تعالى ( وإذا ذُكِر الله ُوَحدَهُ اشمَأَزَّت قلوبُ الذين
لايُؤمِنُونَ بِالآخرِةِ وَإِذا ذُكِرَ الذينَ مِنَ دونِهِ إذا هُم يَستَبشِروُن )
الزمر 45 0
فإذا ذُكر منهج الله تعالى ، وأراد الناس شريعته اشمأزت قلوب
الليبراليين ، وإذا ذُكِر أيُّ منهجٍ آخر ، أو شريعة أخرى ، أو قانون آخر ، إذا هم
يستبشرون به ، ويرحِّبون به أيَّما ترحيب ، ولايتردَّدون في تأيِّيده 0
[[size=18]color=red][size=18]حكم الاسلام في الليبرالية : [/color]فإذن الليبراليِّة ماهي إلاّ وجه آخر للعلمانيِّة التي بنيت أركانها
على الإعراض عن شريعة الله تعالى ، والكفر بما أنزل الله تعالى ، والصد عن سبيله ،
ومحاربة المصلحين ، وتشجيع المنكرات الأخلاقيِّة ، والضلالات الفكريِّة ، تحت ذريعة
الحريِّة الزائفـــــة ، والتي هي في حقيقتها طاعة للشيطان وعبودية له0
هذه هي الليبراليّة ، وحكمها في الإسلام هو نفس حكم العلمانيّة سواء
بسواء ، لأنها فرع من فروع تلك الشجرة ، ووجه آخر من وجوهها[/size][/size[/size]][/size]